جبتك يا عوني لقيتك يا عوني!

أو

الخيبة التي نحن فيها مقيمون

 

 

نقد لكتاب "النعمة التي نحن فيها مقيمون" للمستشار عوني برسوم

رئيس محكمة الاستئناف العليا وأستاذ القانون الكنسي بالكلية الإكليريكية القاهرة

وأستاذ النظام القانوني الأنجلو أمريكي بكلية الحقوق جامعة القاهرة..

 

 

 

 

     جبتك يا عوني تعين لقيتك يا عوني تتعان.. وعايز المطران.. والذي للأسف مشغول عن أخطائك بأخطائه.. لا أقصد بإصلاحها، بل بتطويرها وابتكار الجديد منها..

 $nbsp   و"عوني" الذي جبته، أو بالأحرى جالي بدون طلب، هو مستشار كبير وأستاذ إكليريكيّ للقانون الكنسيّ، وشئ عليه القيمة، ولمّا أُهدِيتُ كتاباً يتصدّى لشرح قضايا الإيمان العليا قلتُ لنفسي بسرور: نعم ليس للقضايا العليا إلا رئيس وقاضي المحاكم العُليا، ولكن ما إن فتحت وقعت عيني على مصيبة لاصقة في مصيبة أمصب، ووجدتُ نفسي بحق على منصة القضاء الثيولوجيّ، وسيادة المستشار، بكل أسف صادق من جانبي، في القفص..


    الكتاب اسمه "النعمة التي نحن فيها مقيمون"، وحقيقته "الخيبة التي نحن فيها مقيمون" وموقف حالنا معه أن "شكلنا مبسوطون ومش ناويين نغادر موقعنا من الخيبة"..

   وأقول ورزقي على المسيح والخطاب لصاحب الشرف المستشار عوني برسوم:

    جبتكم يا سيادة المستشار، أو لو أردتم الدقة سيادتكم، فإنكم تكرمتم وجئتم بنفسكم بدون دعوة، وحتى كتابكم الفاخر الطباعة جاء من نفسه بدون مقدمة من مُراجِع أو مانح لطرس اعتماد؛ جئتم سيادتكم لأنه كان ناقصاكم بعد خيبة الأمل في كل من تصدى لشرح العقيدة، فأتيتم أنتم بكتابكم، وقلتُ أنا ممنياً نفسي: لعل الفقه القانوني ينضح على سيادتكم بكلمتين لم يقلهما فقهاء الثيولوجي.. وبدأت بهذه الأمنية، مع بعض التوجس، قراءة كتابكم الفاخر الطباعة.. وللأسف خابت أمنيتي وصدق توجّسي وكذب أملي..

     الكتاب جاء لي كهدية من أخت غالية كانت في مكتبة أسقفية الشباب، وانتقت لي هذا الكتاب كهدية، وذوقاً منها شطبت على سعر الكتاب.. ولكن على مين؟ وسعر الكتاب يُعرَف من خامة ورق غلافه، والذي هو في حالة هذا اكلتاب من الكرتون الأسود الكاشيه الثقيل بعنوان مُذَهَّب بارز، فكان الأذوق هنا أن تترك السهر مكشوفاً إذ الخيال ربما يذهب لسعر أغلى من المكتوب!!! على كل حال فطول عمرها كريمة معي.. واتصلت بها لأشكرها وأبلغها بسواد وقعتها:

     + ده كتاب تجيبيه ده؟

     خسارة فيه مش تمنه، لكن تعب صاحبه فيه.. ده عيب بجد.. عايزة تقهريني؟

 

     وتنصَّلَت منه سريعاً:

     & أنا مقريتهوش.. جبتهولك تقراه وتقول لي لو فيه حاجة تنفع..

 

     ولم أكذِّب خبراً، وقلتُ فوراً:

     + قريته والنافع فيه إني هاكتب المقال دا ولن أحرمك ولن أحرم أحداً، فسأنشره لكي يأخذ الجميع النافع معِك، لأنه ليس من العدل أن يُطبَع هكذا كتاب لأغتاظ أنا وحدي منه..

 

 

     من الأول: أفضل ما يقال عن الكتاب أنه فاخر الطباعة.. وأظن أن في هذه العبارة ما يقدم للمعنى..

     وإن كان واحد من القرّاء المتابعين يقدر على تثمين الكتاب من غلافه فليفدني، ليس لكي أرد ثمنه لمن جلبته، ولكن لكي أعرف "أتحسّر على كام"..

 

     إذاً افضل ما في الكتاب غلافه وورق طباعته..

     وأفضل ما في الكاتب غيرته.. الكتاب يبدو أن صاحبه قبطي مسيحي غيور، يقدم نجاحه في العالم ولقبه الوظيفي الراقي لخدمة الكنيسة والعقيدة.. هذا أروع ما في متن الكتاب..

وللأسف أروع ما في المُحتَوَى هو الرائع الوحيد.. مافوش شئ تاني رائع أو قريب من الروعة.. الباقي حبس دم.. وكلمتين جدعنة بطريقة "لا يفسر أحكام الإنجيل غير معتنقيه والمؤمنون به" وبالبنط الغليظ في عين القارئ (صفحة 16)..

(على الماشي: صحتها "المؤمنين"،

ولو أصر على المؤمنون كنا خلى اللي قبلها "معتنقوه"

وغيَّر الاستثناء بـ"غير" إلى الاستثناء بـ"إلا"..

بس مش موضوعنا وإن كان رئيس المحكمة مطلوب منه حبة فواعد لغة)

 

 

     طيب يا صاحب الشرف يا يور أونور قل لا يفسره إلا دارسوه وفاهموه.. والذين تأنوا في صياغة ما فهموه.. وهنروح بعيد ليه؟ شرفكم من أهل الإنجيل ولا شك وتدل غيرتكم في الحسنى على هذا.. ولكنكم خبتم في الفهم والتفسير..

 

     وللأسف لستم وحدكم، فغير سيادتكم كثيرون من أهل الإنجيل -ولهم كل غيرة حسنة كغيرتكم، وبصدق، وأكثر الرب من أمثالكم وأمثالهم في الغيرة والنجاح الوظيفي، وبكل نية خالصة أقولها- يغيرون ولا يفهمون، والمشكلة أنهم لا يسكتون..

 

     لقد وقَعَتم شرفكم وبإصرار وتكرار في خطأ سخيف يقع فيه العوام، ويقعون فيه ليس لأنهم يخطئون خطأ سيادتكم بالتجاسر على التفير، بل توصيف جريمتهم أهون أنهم ضحايا ما يُشرَح لهم هكذا من خدام غير مؤهلين..

لقد اعتبرتم يا صاحب المقام الرفيع أن الآب هو الإبن ، حاشا.. وأن الابن صار اسمه الابن بالتجسّد، كانه لم يكن ابناً من الأزل، حاشا..

أو بتعبير آخر: اعتبرتم أن الآب هو الذي تجسدّ.. نعم هذا ما شرحتموه سيادتكم، أو بالأدق وشرفكم، كما يُخاطَب أمثالكم يا صاحب الشرف في المحاكم الأنجلو أمريكية، باعتباركم أستاذ في النظام القانوني الأنجلو أمريكي..

 

     عيب.. عيب بجد.. والمرة دي العيب خطر لأنه معنون باسم أستاذ في الإكليريكية، ويسبق كلماته بكل التهديد الغليظ الفونت: "لا يفسر الإنجيل إلا أصحابه"..

وبذلك وضعتم يا صاحب الشرق القارئ الساذج في بوتقة الترقّب لدفاع مجيد من مسيحي غيور، هو شرفكم،  ضد الآخرين المُفتئتين بغير شرف على تفسير الإنجيل.. وتهيأ المسكين من ثَمّ نفسياً لتقبل كل كلمة كطلقة رصاص في صدر أعداء الكلمة..

 

     كان الأولى بشرفكم أن تراجعوا ما كتبتموه مع واحد، سامحني، فاهم..

 

     عيب كدة..

     وهذا هو العيب وبالدليل وبرقم الصفحة، وبصورتها:

     (يعني هتكلم بدون دليل وكمان قصاد رئيس محكمة استئناف مفيش وراها غير النقض)

     (وكمان حبة ديباجة قانونية علشان المحكمة تتنور)

     وَرَد في صفحة 13 عنوان الفقرة بالنص كالتالي، والعنوان بالبنط الغليظ:

     "هل التركيز على الـله الواحد تناقض فكرة التجسد الإلهي؟"

 

 

 

 

(خطأ لغوي أخر على الماشي:

"التركيز مذكر ويستدعي قوله "يناقض" وليس "تناقض")

 

 

 

 

 

     وبعد العنوان تكتبون سيادتكم فقرة طيبة عن عدم تعارض التجسّد مع محبة الـله وقدرته، وليكن ليس لها علاقة بالتحدِّي الذي طرحتموه في العنوان..

     فالعنوان يضع التجسد في مقابل الوحدانية

     ولا عجب أنكم لم تقدموا ما يعالج السعؤال لأنه أصلاً لا وجه منطقيّاً للتقابل!

     لأن الوحدانية يقابلها التعدد.. والتجسد يقابله التنزيه عن التجسد.. فقد يكون الإله واحد مفرد مصمت وتظل قضية التجسد مطروحة منطقياً ويُبحَث إن كان تجسد أم لا وهذا معروف عند العقيدة التلموديّة التي لا تؤمن بالتجسّد، ومثلها العقيدة الإسلامية، حيث لا مكان فيهما للحديث عن الوحدانية الجامعة المتعددة، ومع ذلك فهناك في مباحث العقيدة لديهم أخذ ورد عن التجسد ودونك ظهورات ملاك العهد القديم، وتجلي الـله للجبل وفي العليقة، ودونك المعروف من أبيات الشعر الصوفية..

ومن الناحية المقابلة فقد يبحث المؤمنون بالثالوث في قضيّة التجسّد وقد ينكرها بعضهم دون أن يلتزم بإنكار التثليث.. فعلها الغنوسيّون أصحاب البدعة التي ظهرت منذ العصر الرسولي وقاومها يوحنا الرسوال كما في الإصحاح الأول من رسالته الأولى. حيث يتضح أنه يجتهد ليثبت تجسد المسيح وليس ليُبثبِت لاهوته، مما يبين كيف أن المبتدعين لم ينقضوا الثالوث ولاهوت الابن مع الآب.. 

 

     إذاً في كل الحالات لا يُوضَع التجسد مقابلاً للوحدانية.. إلا إذا ..... !!!!!

     إلا إذا كان في فكر الكاتب أن التجسد هو الذي أوجد التثليث في الذات الإلهية.. بمعنى أن الآب كان آباً غير متجسد.. ثم ظهر في صورة جديدة هي التجسد فصار بهذا الفكر هناك أقنومين.. ومن هنا ارتبطت فكرة التثليث بفكرة التجسد، ومن هنا سعى الكاتب لإثبات أنه رغم التجسد فإن التوحيد لا يزال قائماً..

 

    

 

     اللي فات كان الخطأ وإثبات وقوعه، والتالي هو شرح التعبير الصحيح:

     الرب الإله كائن منذ الازل وسيكون إلى الأبد في طبيعته الثالوثية آب وابن وروح قدس قبل التجسد وبعده.. وفي التجسد قبل الأقنوم الثاني، الابن الأزلي، أن يتحد بالجسد.. فصار متجسداً، وهو لايزال بلاهوته واحداً مع الآب والروح القدس..

     سطر واحد أهو فيه المفيد، وكان يكفي بتحاشي مصيبة فكرة أن الآب في تجسده دعي ابناً كما يوحي هذا العنوان الخاطئ ابن أم خاطئ والغريب عن الإنجيل وقريب ونسيب عائلات غريب ومالوش لزمة..

 

 

     وفي صفحة 31 توحِلُونها سيادتكم، هذه المرّة بالصريح الوضيح غير المريح، ذلك حين تخاطبون فخامتكم غير المؤمن:

     "لماذا لا تهزم فكرة إبليس بإهانة الـله بأنه يلد، إن الـله لم يلد شيئاً، فقد انخدعت أيها القارئ في تعبير الابن الذي هو ذات جوهر الـله وذاتيه الـله، أي الـله في صورة الجسد"

     ومليون حاشا من عندي !!!!!!!!

 

 

 

 

 

(خطأ إملائي:

"الإبن" بهمزة القطع غير صحيحة وصحتها "الابن"،

بس المرة دي بجد مش وقت اساطراد طويل في أخطاء لغوية ..

ركزوا اللي جاية دي مصيبة..)

 

   الوقعة سودة.. ومن سوادها سأتجاوز عن وقعات متلاحقة قبلها وبعدها..

     تقولون نباهتكم إن تعبير الابن من نوع التعبيرات "الرمزيّة".. وقع في هذا الخطأ أساقفة، ويقع فيه كثيرون، ولو أتىى هذا الخطأ بمفرده لما كلّفت خاطري إفراد مقال لمراجعة الكتاب واستيقافه، ليس لأن الخطأ هيّن ولكن لأن هناك من يقعون فيه ممن يسبقون سيادتكم في التأثير اتلعليميّ والأولى بمراجعتهم فيه، وقد فعلت؟ُ هذا فعلاً في غير كلمة وغير مقال ولم أنكص..

     ولكن الخطأ لم يتوقّف عند الخالة رمزيّة، بل أتت بعده فاجعة "الـله لم يلد شيئاً".. ووراءها تأكيد ما كان يستلزم ستره لا تأكيده، حين كتبتم سيادتكم أن:

     "... تعبير الابن .... أي الـله في صورة الجسد"

 

     إذاً كان شخصي المتواضع على حق حين استنتجتُ أنكم تفهمون بنوّة الابن الوحيد للآب أنها بالتجسّد من عنوانكم السابق: "الـله الواحد لا تناقض (صحتها يناقض) التجسد"..

الآن تقولونها صريحة، ويفهم القارئ بالضرورة أنكم تفهمون أن الآب تجسّد وصار ابناً لنفسه، ولم يكن اسمه الابن قبل التجسّد، والذي صار اسمه كذلك بتعبير رمزيّ وثلّة مصائب في فكرة واحدة..

 

     ولكن لماذا الاستطراد مع التعبير السابق والتعبير اللاحق.. التعبير المهبِّب أولى.. لأبدأ به وأعود منه لتفاريعه لاستكمال توصيف الجريمة:

 

     "الـله لم يلد شيئاً"؟

     غلط رقم واحد: الـله لم يلد شيئاً!

     التصويب: الـله ولد الابن الأزلي:

     الأدلة الكثيرة:

·       إني أخبر من جهة قضاء الرب. قال لي: أنت ابني أنا اليوم ولدتك مزمور 2: 7 (قضاء يا كبير القضاة، وحكم القاضي هو عنوان الحقيقة)

·       من البطن قبل كوكب الصبح ولدتك مزمور 110: 3 (بحسب الترجمة السبعينية وتلاقيها بالمثل في الأجبية القبطية)

·       الرسول يوحنا يدعو المسيح ابن الآب بالمحبة والحق.. المحبة لا تعنى ابناً أدبياً أو مجازياً لأن الـله ذاته محبة إلا إذا كان الـله مجازاً.. وإنما ابنه بالمحبة لأن المحبة هي طبيعة الـله وبالتالي فهي الرابط بين الأقانيم.. والرسول يلحقك على كل حال ويكمل: بالمحبة والحق.. أي ابن حق وليس ابن مجاز.. لأن الـله بالحق هو ذاته محبة فابنه بالمحبوة يكون ابن حق وابن بحق*..

·       مولود غير مخلوق قانون الإيمان

·       المولود من الآب قبل كل الدهور قانون الإيمان.. ومع قانون الإيمان ينتفي الاحتجاج بالمجاز والرمزيّة، فالعمّة رمزيّة لم تحضر المجمع ولم يكن لها صوت فيه..

 

     عايز إيه تاني؟

 

     إزاي تقول لم يلد شيئاً؟ وبعدين الابن لا يقال عليه شيئ.. طب قول لم يلد أحداً.. وبرضه هيترد عليك.. لكن "شئ"؟

 

     أكيد حضرتك كنت تقصد نفي الميلاد التناسلي بالجسد.. صح؟

     حلو.. خليك معايا..

     المفروض كنت تميز بين الميلاد الحقيقي والمجازي.. وبعدين تميز في الميلاد الحقيقي بين ميلاد بالجسد وميلاد روحي وكلاهما حقيقي.. ثم تقرر أن ميلاد الابن من الآب هو ميلاد روحي وغن كان حقيقياً وليس مجاز.. ويمكن ان تستفيض أكثر وتشرح أن الميلاد الروحي هو أولى بكونه حقيقياً لأنه هو الأصل وعلى صورته خُلِقَ الإنسان وخُلِقَت معه طريقة توالده الجسدي..

 

     لكن علشان تِنْفي الميلاد التناسلي تقوم تنفي الميلاد بالجملة؟ يبقى غلط.. يبقى جيت تكحلها عميتها.. ويكون سيادتكم بهذا لم تميزوا، وأنتم أصحاب التمييز، بين الروحيّ والمجازيّ، وخلطتم، وأنتم من يُرجَى عندهم وضوح الرؤية، بين الميلاد الحقيقي في عموم معناه، والميلاد التناسلي كحالة خاصة، فقصرتم الميلاد الحقيقي على التناسلي، ولذلك لكي تهربوا من الميلاد التناسلي الذي لم تفهموا ميلاداً حقيقيّا سواه، لذتم بافتراض المجاز والرمز، ووضعتم مقابله الميلاد التناسليّ الميلاد المجازيّ فقط بطريقة ابن مصر وابن النيل، ووضعتم بغير حق وبغير فهم وبغير استدلال كتابي ميلاد الابن الأزلي من الآب في هذا النطاق المجازي.. عيب بجد..

 

     وبيني وبين شرفكم، أشرح لكم أمراً منطقياً.. صحيح إن أكثر الردود التي يلقنونا إياها للأسف تستخدم تعبيرات ابن النيل وابن مصر وما إليه، ولكن لعل بعض من قال بهذه القياسات كان يهدف منطقياً لمجرد إثبات أن ليس كل ابن هو ابن الجسد، وكانت هذه هي حدود قياسه، ولكنه لم يحسن الشرح والتدارك، فأتى بعده من لم يفهم أن القياس في وجه واحد ومع الفوارق لا مجرد الفارق، وأن المقصود به هو مجرد نفي ضرورة البنوة الجسدية عن تعبير "الابن" وليس قياس بنوة المسيح على البنوات الأدبية باعتبار بنوته مثلها.. هذا الذي لم يفهم هذه الدقة المنطقية دلَّس على ذكائكم ولكنكم لستم معذورين فقبل الكتابة التفكير والكاتب مسئول عن كتابته والقانون لا يحمي سيادتكم.. تقول لم يلد شيئاً؟ وقعتك انت واللي يتشددوا لك سودة..

 

     طيب قانون الإيمان بيقول إله حق من إله حق.. ده مجاز ولا حقيقة؟ لا تقدر أن تقول إن التعبير مجازيّ لأنه يقول "حقّ"، وفوق ذلك فهذا قانون إيمان لا يجوز المجاز فيه..

     ثم خُذ بالك العبارة هنا بتربط لاهوت الابن بكونه من لاهوت الآب.. يعني لو الميلاد مجاز يبقى لاهوت الابن مجاز.. لكن المسيح إله حق وهذا هو عين الحق.. وقانون الإيمان بيؤكد كدة.. ومخدعش حد.. وإن كان فيه ناس مش فاهمة.. لامؤاخذة إحنا بنشرح المعنى..

 

     المسيح هو الابن المولود من الآب.. ميلاداً نعم لا يُدرَك، وحقاً لا يوصَف، ومعاك أكيد إنه ليس جسدياً، ولكنه ميلاد حق.. وأزيد كلمة لكن لا تشهق.. واسمه ميلاد طبيعي كمان.. قلت طبيعي مش جسدي.. طبيعي يعني حسب طبيعة صاحبه.. الميلاد الطبيعي للجسد يكون ميلاد جسدي لكن الميلاد الطبيعي للإله يكون روحي وإلهي لأن طبيعة الإله هي روح وهي لاهوت (مش أي روح)..

 

     يبقى نلخص: ميلاد المسيح من ألآب ميلاد حقيقي طبيعي أزلي إله من إله نور من نور..  

 

     على فكرة.. أنا لم أورد شواهد سفر الأمثال 8 والتي تُتَرجِم كلمة قناني وأُبدِئت بكلمة ولدني ووُلِدت حتى لا أدخل في إشكالية ترجمة مع سعادتكم واحنا لسة مخلصناش من بديهية إيمان.. ولم أورد العشرات من الآيات التي تتكلم عن المسيح باعتباره الابن وتحليل سياقها لفهم أي بنوة هي، مكتفياً بشواهد صريحة تحمل كلمة "مولود" و"وِلِد" صراحةً لأن واضح إن الحوار مع سعادتكم يحتاج في هذه القضية للحرص من التعقيد والتزام "المستوى واحد شرح".. وتنازلت لكم عن كل مرات تسمية المسيح لنفسه "ابن الـله" لانني دقيق في تعيين نقطة البحث، وأنتم تفترضون المجاز في الكلمة وتزيدون فتقولون "الـله لم يلد شيئاً" فكانت إجابتي بإبراز كلمة "ولدَ" ثم الشواهد التي تقول "بالحقّ" وليس بالمجاز..

 

     *** وقبل ختام التصويب الأول هذا، وقبل الدخول في معمعة بقية التصويبات لبقيّة الأخطاء، ، فهوذا سرّ أقوله لك (للأسف لم يكن ينبغي أن يكون إعلان الإنجيل سرّاً ولكنه صار كذلك بعد أن أخفته عن الأذهان تُرَّهاتُ "الدفاعيّات" المرتعبة والرعناء على أفواه حتى كبار الشارحين):

     المسيح لم يشبّه علاقته بالآب بلفظ ابن، ولكن العكس هو الصحيح.. فالآب شبّه البشر به في خلقتهم على صورة الرب الإله ومثاله (مثال = شبه)..

     الأصل في الصورة هو الرب الإله والنسخة هو الإنسان..

     من جهة هذا السطر فالكلام كثير ولقد أسفني أن أسقفاً كبيراً قال "للأسف مافيش كلمة في اللغة تعبّر عن المعنى غير الابن".. وقتها رددتُ صريحاً وقلتُ إن لغة الكتاب بل كلمة استعملها الرب ذاته ليصف علاقته بأبيه لا تُوصَف بالأسف.. كما أن الرب لم يشبّه طبيعته الأزليّة الفائقة بحال الإنسان، بل لقد خلق الإنسان على شبهه، ولو لم يكن في طبيعة الرب الإله آب وابن منذ الأزل فما كان الإنسان قد صارت فيه الأبوّة والبنوّة وإلا فمن أين يأتي بها وهو مخلوق على صورة خالقه؟ ***

     بنردّ على الكل يا جناب صاحب الشرف ومابنقصّرش، لكن للأمانة لم أسمع أحداً من المُعتَبَرين، قبل سيادتكم، يقول "الـله لم يلد شيئاً"، وربما قالها بعض الهواة المتنطِّعين في الحوارات الصبيانيّة، ولكن معتبرٌ ذو منصب لم يقلها بهذه الفجاجة مع كل ما بلغته أخطاء أفهامهم وخلط تعبيراتهم..

 

 

     ودلوقت الغلطة رقم اتنين في استشهاد ورد في  صفحة 31..

     (كل اللي فات كان غلطة رقم واحد بس)..

 

     غلط رقم اتنين:

     قولكم "انخدعت أيها القارئ في تعبير الإبن"

     التصويب: صحيح إن بعض غير المؤمنين يظنون أن كلمة الابن تحتم مفهوم التناسل.. وهم مخطئون في ذلك.. ولكن من الخطأ أن تصحح وأنت غير فاهم لآخر غير فاهم فتقوده من عدم فهم شمال لعدم فهم يمين.. ميحقلكش تغلط حد وتصحح له قبل ما يستقرّ في ضمير المحكمة يقين الفهم..

 

 

     غلط تلاتة: ده في حق قانون الإيمان.. الغريب أنكم تستشهدون بذات تعبير قانون الإيمان "مولود" وأنتم بتفّهموا القارئ غلطه.. يعني قانون الإيمان يقول مولود، وأنت تقول "لم يلد شيئاً"، وإن القارئ انخدع في التعبير؟ يبقى الخطأ خطأ قانون الإيمان الذي استخدم تعبيراً خادعاً ولم يستشر شرفكم ليعلم أن الـله لم يلد شيئً قبل ان يتورط في الصياغة التي تأتي سيادتكم في آخر الزمان لتحلوا عقدتها!

     التصويب: قانون الإيمان تكلم عن الميلاد كما تكلم عنه الكتاب المقدس، ومنها الشواهد الواردة في تصويب الخطأ السابق.. ولكنه تكلم عن ميلاد روحاني.. ولكمة روحاني لا تنفي كونه ميلادً.. لأن ليس كل الميلاد يكون تناسلياً.. كل ما احتجته شرفكم أن تميز بين تعبيرين: ميلاد روحي حقيقي وبنوة روحية حقيقية" وبين "بنوة مجازية غير تناسلية مثل تشليهاتكم ابن مصر وابن النيل".. التعبير الثاني: "الميلاد المجازي" لا يخصنا.. والتعبير الأول: "الميلاد الروحي الحقيقي" هو الصحيح.. وبالتالي عندما ننفي الميلاد التناسلي فإننا نثبت أمامه التعبير السليم: "الميلاد الروحي الازلي الحقيقي".. وليس "الميلاد المجارزي".. وبذلك فقط نفهم أن تعبير قانون الإيمان غير خادع ولا يحتاج لشرح سيادتكم الغلط.. وإنما يحتاج لسؤال القارئ غير الفاهم: هل ينبغي أن يكون الميلاد تناسلياً حتى يكون حقيقياً؟ وعندما لا يستطيع الإيجاب بنعم يخسر قضيته دون الحاجة لدفاع فاسد تعلمون كرئيس محكمة أنه أخطر شئ على القضية الكاسبة..

ولكنكم للأسف قدمتم لقضية كاسبة بسيطة دفاعاً قاسداً بغيرة ليست حسب الفهم.. ربنا يسامح شرفكم بس ابعدوا عن شرح قانون الإيمان وهو يسامحكم..

 

    

     غلط أربعة: (ده داهية سودة) "الابن ... الـله في صورة الجسد"

     التصويب: بقى ده معنى الابن؟ إنه متجسد؟ يعني قبل صورة الجسد مكانش فيه ابن؟ في البدء كان الكلمة.. والكلمة صار جسداً.. يعني الابن ليس هو بالمعنى التعريفي الـله في صورة الجسد، وإنما هو كلمة الـله، والذي قي ملء الزمان صار جسداً وظهر في الجسد.. ولكنه من حيث التعريف كان ابناً منذ الأزل.. لأنه الكلمة.. ابن = الكلمة وليس ابن = الظهور في الجسد.. الظهور في الجسد حدث في ملء الزمان وقام به من كان منذ الأزل ابناً..

 

     إن مش فاهم دي.. يبقى مكنتش تكتب في الموضوع ده..

     حرام عليك بجد يا صاحب الشرف.. حرام يا سيادة المستشار.. وعيب عاللي سابوك تكتب الكلام ده.. وعيب على الأسقفيات اللي حطت الهباب ده في مكتباتها.. عيب عليكم بجد يا أساقفة وكهنة .. عيب.. والخطاب للأساقفة والكهنة أصحاب الفهم لما أقوله تحديداً وليس للجميع وخلوها مستورة..

 

    

     غلط في موضوع جانبي: وفي مثل أعطاه للتفريق بين نعمة المسيح وقيد الناموس شبه الفارق بما بين السبت والأحد، لا إشكال في هذا وألف نور على المحكة مبدئياً، ولكن كيف رأى يوم السبت في مقابلته بيوم الاحد؟ رآه هكذا بالحرف: "يوم السبت الذي نص عليه الناموس لراحة الجسد الترابي الزائل حسب الناموس" (ص137)

     التصويب: هل هذا عمق وصية السبت؟ صحيح عطلة السبت لراحة الجسد ولكن هذا أمر ثانويّ لاحق بها ولم يقل أي شاهد في الناموس أنه لراحة جسد زائل وينقص أن يهيل المستشار التراب على وصية السبت مع دفن الجسد، لم يقل الناموس هذا وإنما قال وعمل كل ما يشرح معنى الوصية أنها وصية إيمان بأن القوت برضى الرب الذي بدون الإيمان لا يمكن إرضاؤه، كما يقول المرتل: باطل هو لكم التبكير في القيام والتاخر عن الرقاد يا آكلي الخبز بالهموم لأنه يعطي أحباءه نوماً (او وهم نيام "مز127: 2")، هذا هو المعنى وإلا فكيف غضب الرب على من جمعوا المَنّ يوم السبت؟ (خر16: 4-30)؟ هل غضب على من تعبوا متنازلين عن وصية راحة جسد فقط؟ وقبل كل شئ فليعد من يحب فهم السبت كوصية ناموسية معطاة من الرب أنه أسسها على راحة الرب نفسه يوم السبت (خر20: 9-11، 31: 12-17) وهكذا يستنير المعنى الثيولوجيّ الخطير إنها راحة الخليقة العتيقة جسداً ونفساً لا مجرد راحة الجسد.. تكون مقابل راحة الخليقة الجديدة بقيامة الأحد..
    السبت إذاً عمل إيمان، وتصبيرة رجائيّة للخليقة العتيقة انتظاراً لراحة أعظم (عب4: 4-11)، وهكذا فعمق فهم وصيته يلتقي مع أثقل الناموس الذي هو الحق والرحمة والإيمان (مت23: 23) فهل أثقل الناموس وعمقه والإيمان بالرب أعمال وأمور جسد زائل؟
    ليست هكذا تسير المقارنات هذا فساد في التسبيب وغن صحك حكمك يا صاحب الشرف فياليتك كنت صاحب فهم أيضاً، فهم مما يلزمه التأني والاطلاع على أوراق القضية قبل الحكم..
    والآن السؤال: هل هكذا أُعظِّم السبت على حساب الاحد؟ بل العكس ولا يفهم هكذا إلا من يفكر مهتدياً بنبراس حضرة القاضي المقضي عليه بنقض أحكامه، لأنه فيما هو يهزل من مقام السبت دون فهم في مقابلته بالأحد فهو يسفه من قيمة الاحد على نحوٍ ما، حاشا، بينما أن السبت إذ هو مقدس لمعنى خطير وللشهادة للإيمان فيظهر كيف أن الأحد أقدس لمعنى أعظم خطراً.. وهكذا وفقط هكذا تصح المقارنة:
    السبت عمل إيمان من النفس لا من الجسد وهذا الإيمان هو في حد ذاته فوق أي جسد وبغيره لارصى للرب، ولكن حدود هذا الإيمان في دائرة هذه الوصية أنه إيمان بإله يقوت الجسد، وهذا الإيمان يعود على الجسد "الزائل" بالراحة وعلى النفس "غير الزائلة" بالارتياح والرضا أيضاً وبرتقي بها بقدر فهمها وإخلاصها للوصية إلى درجة الخضوع للروح ما يفوق مجرد الراحة النفسية.. كل هذا معنى الراحة في ناحية الرموز والظلال والتاديب لمجئ الراحة الأعظم، فلا يمكن اختزالها بخفة لمجرد راحة جسد لا يحتاج احد لوصية حتى يراعي راحة جسده أصلاً..
    والآن ففي دائرة الكامل والمحقِّق للمرجو من رموز وظلال القديم فإن راحة الأحد هي راحة الإيمان أيضاً ولكنه إيمان بما يفوق إيمان القديم إنه إيمان القيامة من الأموات بعد كل شئ ورغم كل شئ.. الفرق كالتفريق بين إيمان بمن يعيل إنساناً في السجن وبين إيمان من يثق في أن من أعاله وهو في السجن سيحرره منه تماماً، فمن الخفة المحزنة خصم كل هذا من التشبيه بخصم معاني السبت واقتصارها على وصية راحة للجسد الزائل.. ابناً..

 

    

     يحق لي بعد كل ده أن أقول إن دي مش غلطة سيادتكم.. دي غلطة نظام تعليم كنسي وإدارة كنسية.. محدش فهم سيادتكم الكلام ده وانتم في مدارس أحد لأن قليلين اللي كانوا فاهمين.. وأقل منهم اللي كانوا يقدروا يعبروا عن اللي فاهمينه صح.. لكن كتير قوي كانوا يقفوا في وشهم ويمنعوهم من التفهيم.. وبالتالي يمنعوا أمثال سيادتكم من الفهم.. علشان تطلعوا في المركز ده والسن ده والمنصب الإكليريكي التعليمي ده علشان تقولوا الكلام ده.. بجد مش غلطتك.. أقصد مش غلطة سيادتكم..

 

     عموماً مفيش زعل يا صاحب الشرف.. أنا فعلاً أحترم غيرتك المقدسة وأقدرها وأنا من أَعرَف الناس بقيمتها في زمننا.. وأرجو لها تكون حسب المعرفة.. وكفاياك إنك صاحب منصب ومكرس نفسك للكنيسة مش لمهاجمتها ولا للدعوة للزواج من غير المؤمنين زي قوادين كتير يحملوا اسم المسيح وبيتاجروا بيه في زمننا الردئ..

    

 

     لو سيادتكم قريت وفهمت كلامي هترجع تقرا الكتاب المقدس وتشكر لي الكلمتين دول اللي هيحببوك في العقيدة اكتر بقدر ما هتفهمها صح وبقدر ما يصير غيمانكم حسب الفهم والمعرفة.. هتلاقي تسبيب غير فاسد وتعليل دالّ وبراهين أدلّ قويمة البرهنة على ما تحب من العقيدة ربنا يديم محبتكم لها كما جميع المؤمنين.. أصلاً.. لأنهم مش للتداول.. واتأنيت في التامل فيه هتحبني أكتر لأنك هتحب العقيدة اكتر وتلاقي أسباب أصح وأقيم للغيرة عليها والدفاع عنها.. بجد هتحب العقيدة أكتر ما سيادتك بتحبها.. هتحبها بفهم وثقة مش مجرد جدعنة وهروب من آيات كتير إنت عارف كويس إن شرح سيادتك ميفسرهاش.. وهتتأكد لو صبرت على الكلمتين اللي فاتوا ومشيت وراهم إن فعلاً إحنا مقيمين في النعمة.. ونعمة عظيمة أعظم مما تتصور.. عظيمة لدرجة بتصبر على شرح سيادتكم ليها.. صدقني لو فهمت كلامي هتلاقي أبعاد أعمق في النعمة.. وحضرتك صاحب غيرة على الإيمان فمتنتظرش مني أكون أقل غيرة.. وأنا من باب الغيرة بكتب الكلمتين دول.. الغيرة على النعمة التي نحن فيها مقيمون..

 

     والآن بأخذ الظروف المُخَفِّفَة في الاعتبار فالحكم العادل أن تقرأ سيادتك قانون الإيمان ميت مرّة..

 

     رُفِعَت الجلسة..

     ودلوقت فين اللي جابت لي الكتاب وطلبت أقراه وانفعها بقرايته؟

     هربت! أرجو إن يكون فيه ناس هتقرا الكلام دا لىخره وماتكونش هربت هي كمان..

 

     تنويه عن لغة المقال:

     
(رابط لبوست لاحق على فيسبوك أشرح فيه مُفارقة التردّد بين مسح المقال وتركه)

     قد يشعر القارئ المتابع أنها لغة هزلية لا تليق بالموضوع؛ ولكن أنبه أن السخرية ليست هزلاً، وأن الهزل الحقيقي ليس في المقال ولكن في صدور كتاب يحمل اسم أستاذ في الإكليريكية يسوق بدعاً قديمة سخيفة من مستوى حضانة، لأ وإيه ويتصدي للرد على غير المؤمنين؛ وأن السخرية والكلمات العامِّيَّة في هذا المقال هي مجرد ثوب يحمله مضمون جاد جداً جداً؛ وأن هذا الثوب جاء بإيحاء من هزل الموقف موضوع النقد هنا، وهو ثوب لايق عليه بجد وهياكل منه حتة ويا رب ياكله كله وهو المطلوب..

 

قُرئ الكتاب المؤسِف في فبراير 2007

سُجِّل المقال في الخميس مساءً 26إبريل 2007

لما حصل لي وقت

C. Mark

 

 

 

 

 



*     أظن أن باب التمحك في المجاز قد يبقى مفتوحاً.. وقد تحاولون أو يحاول غيركم التمحك في كلمات مثل "اليوم" و"من البطن" لإثبات أن الحديث مجاز.. ماشي.. خلينا مع التماحيك لحد باب التفسير السليم.. من البطن تعني من الداخل غير الظاهر.. من العمق غير المنظور.. ومنها وصف المراوغ بأنه يظهر غير ما يبطن.. أما الرب الإله فهو قد أظهر ما يُبْطن بتجسد ابنه الوحيد بالحق.. لأن البطن في معناها الأصلي، وليس المجازي كما قد تظنون، تعني الداخل غير الظاهر.. وإنما سميت أحشاء الإنسان بطناً تبعاً كمضاف يفهم من سياق المضاف إليه.. أي أن تسمية أحشاء الإنسان بالبطن هي التسمية التابعة للمعنى الأصلي وليس العكس.. ثم نفرض أن معنى البطن مجازي، فعلام يدل؟ إلا أن المقصود هو عمق الرب الإله؟ المهم ليس كلمة "بطن" مجاز أو غير مجاز.. فحتى لو قبلنا أن كلمة "بطن" مجاز فهذا لا يحتم أن كل الحديث مجاز.. فالمعول عليه هو كلمة "ولدتك" هل هي مجاز؟ هذا هو السؤال.. تعال نفرض إنها مجاز مستندين لافتراض سابق إن كلمة "بطن" هي الأخرى مجاز.. وبالتالي فالجملة كلها تشبيه مركب.. بطن مجاز والولادة مجاز والجملة كلها تبقى استعارة.. السؤال هنا: مجاز يدل على إيه؟ المجاز بيدل على حقيقة.. يعني لو قلنا سعادتك ميزان.. اهو ده مجاز في الكلام.. لكن مجاز يدل على سعاتدك وسعادتك حقيقة.. ووجه القصد إن سعادتك عادل بتزن حجج الخصمين وتشوف أيهما ترجح دون محاباة.. أظن واضح القصد من عبارة إن المجاز يدل على حقيقة.. طيب المجاز المفترض في الآية يدل على أية حقيقة؟ خد بالك إن المولود هنا ده مولود قبل كوكب الصبح.. كناية عن أيام الأزل.. يبقى ملهاش علاقة بالتجسد.. طيب يبقى اتولد إزاي مجازاً؟ متقدرش تتمحك بناسوت المسيح وإنه كإنسان كان يعبر عن اللاهوت فيه وإنه أدبياً وعلمياً وابن مصر وابن النيل إلخ مش عارف إيه.. كلام الآية قبل التجسد ويقول صراحةً إن كان فيه ميلاد ووالد ومولود.. يبقى مش فاضل عير إن الميلاد حقيقي مش مجازي.. وكل المطلوب هو فهم معنى وسمات هذا الميلاد الحقيقي.. أكيد طبعاً مش ميلاد وتناسل جسدي.. دي مفروغ منها.. لأن الكلام قبل التجسد.. أهي دي بقى الآية اللي تحطها في عين غير المؤمنين أصحاب سخافة ربنا اتجوز العدرة.. لكن قبل ماتحطها في عينهم لازم تكون جاهز بالرد على السؤال التالي: أي نوع من الميلاد الحقيقي هو؟ إذ ليس هو جسدياً- حاشا ان يكون؟ وهنا ممكن الرجوع للشرح أعلاه.. راجع معايا: ميلاد حقيقي لاهوتي روحي.. معلهش استحملني انت استحملتني كتير ولسة: ميلاد حقيقي إله من إله نور من نور.. هو ده الميلاد.. أما كلمة اليوم فهي تعني تأكيد وقوع الحدث وتأكيد عظمته.. لأن الواحد يشير ليوم الحدوث لما يهم.. ولكن لان هذا اليوم هو قبل الزمن أي في الأزل، فإنه لم يُحَدَّد بالزمن وتُرِكَ لسياق الكتاب المقدس لفهمه، ولو أردت أن تعلم متى كان هذا اليوم فعد لنبوة ميخا المشهورة لتعلم أن مخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل (ميخا5: 2).. وإذا سألتم أخيراً: أهو يوم أم أيام؟ تكون الإجابة ببساطة: هو يوم ممتد بطول الأبدية وعرضها لأن عمل الميلاد هو عمل طبيعي دائم في ذات الرب الإله.. إذن فهو فوق الزمن.. إذن فهو لا يمكن وصف وقوعه بلحظة زمنية أو بفترة زمنية.. إذن يستوي الحديث عن يوم ميلاد أيام ميلاد.. وهذه يمكن فهمها حتى في الأعداد البشرية في حساب الممتدات وهو أمر معروف عند علماء الرياضيات أن رقم اللانهاية ليس نقطة محددة او عدداً محدداً.. فإن أمكن قبول ذلك في رياضيات البشر فلم يُرذَل فيمن هو لانهائي بالحق وليس بالمجاز؟ الرب الإله هو دائماً آب وابن وروح قدس معاً في وحدانية تفوق الزمن.. هل تعلم سيادتكم؟ الرب يكلمنا بلغتنا ولكن لتأكيد حقائق وليس لتأكيد مجازات.. حتى لو تكلم بالمجاز بحكم لغة البشر واصطلاحاتها فهو يظهر به .. وعلى سيرة الحقائق فلسيادتكم مفاجأة: فإنكم يمكنكم التخفف من شاهد "من البطن قبل كوكب الصبح ولدتك" كليّةً، إذ ليس هو الأصل العبريّ بل ترجمة تحتاج لمراجعة وضبط-- ولكني أوردته لإثبات نقطة بعينها ألا وهي جسارة سيادتكم بلا وجه استحقاق ولا حق في إنكار وجود ولو شاهد واحد به كلمة "ولدتك"، لوصف العلاقة بين الآب والابن، ولما كان واضحاً أن سيادتكم ليس لكم دربة في قضية الترجمات فإنكم لم تتغافلوا عن الشاهد بترجمته السبعينية بناءعلى معرفتكم بوجوب عدم الاعتداد بها، ولكن لعدم انتباهكم لوجودها في الأجبية أصلاً، وكيف تكون لكم معرفة بنصوص الأجبية وقد فاتكم نص قانون الإيمان ذاته؟؟؟

 

 







Site Gate  Table of Contents  Seminarian Flaws  Exegetical Technicalities  Sign Guest Book