خطية أعظم

عظة للأحد الثالث للصوم الكبير – أحد الإبن الضال

لوقا 15 : 11 - 32

 

 

عظة أخرى رابعة على التوالى جاءنى فكرتها فى ليلة الكلمة و ترتبت سطورها فى باكر القداس

 

مثل الإبن الضال تكلمت عنه عدة مرات فى إجتماع فتيان مارمرقس بدى سى

و فى العلية و فى إجتماعى شباب و شابات مار جرجس

و كلها تكرارا لذات الفكرة و التحليل

فكان وقت للبحث عن منظور جديد و عرض يناسب عظة قداس لا تزيد عن عدة دقائق

فرجعت لبداية الإصحاح للإجابة عن السؤال المبدأى :

لماذا قيل المثل ؟

و كانت هذه الكلمة محاولة لعرض الغرض الجوهرى من المثل

 

و مع هذه العظة أستطيع الإطمئنان لسلاسة اللغة فى لسانى

فالأخطاء النحوية قليلة جدا

و الأهم أن العبارات جاءت مضبوطة بتلقائية تامة دون تكلف

المشكلة التى تحتاج لمزيد من الإلتفات الآن هى قوة و دقة التعبير

فمثلا فى الكلام عن خاطئ كورنثوس قلت حسب التسجيل الصوتى :

"خاطئ عظيم فى خطيته"

و الاحرى هو ما سجلته هنا كتابة :

"إنسان كان يحيا فى خطيئة عظيمة"

فوصفه إنسانا اقوى و أدق من وصفه خاطئا من عدة نواحى

و حل مشكلة سلامة التعبير إن لم يكن فى التحضير المكثف

فهو الخبرة الأكثر التى تتكثف سريعا مع مراجعة دائمة لكل عظة أو كلمة

فأفضل مرشد للتعبير القوى الدقيق هو سماع تعبيرات متسرعة

 

شئ آخر

هذه آخر عظة أكلف فيها نفسى بكتابة مقدمة طويلة لها

فغير أننى مثقل بتكليفات كثيرة و احتاج لتوفير مجهودى

فإن كتابة مقدمات للكلمات يبدو لى الآن من السخافة بمكان

قد أكتب تعليقا على العظة إن كان بها تنويها حتميا أو جديدا يستحق

و غير هذا سأكتفى بسطر او إثنين لتسجيل ما لا احب أن أنساه عنها

 

 

قدمت أمام منبر كنيسة المغارة فى 27 مارس 2005

 

 

أسوأ من زلة الإبن الأصغر قساوة قلب الإبن الاكبر

لأنه أخطر كثيرا من خطيئة المخطئ إغلاق باب التوبة أمام وجهه

مشكلة خطية الإبن الأكبر انه يتمم عمل العثرة

فالعثرة تدفع الإنسان للسقوط فى الخطية

و كان ما عمله الإبن الأكبر أنه حاول إغلاق الباب عليه و حبسه فى خطيته

فهذا يتمم عمل ذاك

و الرب قال ويل للعثرات

فبالأحرى ويل لمن يتمم عمل العثرات و يغلق الباب فى وجه المخطئ

 

مشكلته أيضا أنه إنفصل تماما عن قلب أبيه

بينما أبوه فرح بإبنه الأصغر لأنه قبله سالما

فإنه أفسد فرحة أبيه و عكرها

لهذا فالذى يغلق الباب أمام الخطاة للعودة إلى حضن الآب

حتى لو كان هو نفسه فى البيت

حتى لو كان فى طاعة أبيه حسبما يتراءى له

فهذا لا يشفع له

 

الحقيقة أن قلب الآب مفتوح للجميع

فلماذا نحتكره لأنفسنا

و الحقيقة أيضا أننا جميعا معرضون للزلل

فلماذا نغلق الباب أمام إخوتنا

 

و نحن فى الصوم نقول فى تسابيحنا :

ليس الصوم معناه الجوع الصوم هو التوبة عن الزلات

و فى كلامنا عن التوبة لا نتكلم عن توبتنا نحن فقط و لكن عن توبة الآخرين أيضا

لأن الرسول يقول لا ينظر كل واحد إلى ما هو لنفسه

بل كل واحد إلى ماهو لآخرين أيضا

أليس بالأكثر و نحن صائمين ملاحظين توبة أنفسنا

نكون فرحين بتوبة إخوتنا

مشجعين لهم معنا على الرجوع و الثبات ؟

بهذا تكتمل توبتنا نحن

و بهذا يكون صومنا مثمرا

الصوم أيضا يرتبط بالصدقات

فما هى أعظم الصدقات التى نقدمها للمحتاجين ؟

أليست تشجيعا للخظاة على التوبة ؟

و قبول عودتهم بفرح ؟

 

و قد يقول واحد :

هل يعنى هذا أننا نتساهل مع الخطية ؟ نشجع الخطية ؟

حاشا

نحن لا نتكلم على الخطية

بل نتكلم على التوبة

و لا نشجع الخطية

بل نشجع الخاطئين على التوبة

فى مدينة كورنثوس كان هناك إنسان يحيا فى خطيئة عظيمة

فأرسل إليهم بولس الرسول فى رسالته الاولى حكما عليه

فقال :

إعزلوا الخبيث من بينكم

و لكنه عندما علم بحزن ذلك النسان المفرط

و الحزن هنا يدل على ندم هذا الإنسان و حرصه على توبته

فعاد و قال فى رسالته الثانية :

تسامحونه بالحرى و تعزونه

لئلا يبتلع مثل هذا من الحزن المفرط

و فى قوله مثل هذا يدل على انه لا يتلكم عن حالة خاصة

بل يرشدنا لحكم عام يخص تعاملنا مع هذا الخاطئ و كل من هم مثله

بالأحرى سامحوه و عزوه

لئلا يبتلع من الحزن المفرط

لذلك أطلب إليكم أن تمكنوا له المحبة

فى المرة الأولى كان الرسول حريصا على توبه هذا الإنسان

فوجد بحكمته الممنوحة له بروح الله

أنه لو ترك دون توبيح لكان هذا بمثابة إغلاق باب التوبة أمامه

لانه إن وجد انه فى حال خطيته فهو مقبول من الكنيسة

لانه إن لم تلفت الكنيسة نظر الخاطئ إلى خطيته

و لم يلتفت هو لها بدوره و ينتبه لخطورة حالته

فكيف له ان يتوب ؟

يكون إذن قبوله دون توبيخ بمثابة إغلاق لباب التوبة أمامه

كيف يتوب الخاطئ إن لم يعرف انه خاطئا اولا ؟

لذلك كان الحكم بعزله

ليس لإغلاق باب التوبة فى وجهه

بل بالأحرى لفتحه

ليعرف أنه فى حياة الخطية لا مكان له و لا شركة فى الكنيسة

فمتى يكون له المكان ؟

عندما يقر بخطيته و يحاول التوبة

و لذلك عندما أبدى هذا الإنسان ندمه و توبته

و وجد الرسول ن اهل كورنثوس لا يفهمون الحكمة من وراء قرار العزل

و قد يبالغون فى عزل هذا التائب لا نقول الخاطئ

عاد فى رسالته الثانية فقال لهم :

بل تسامحونه بالحرى و تمكنوا له المحبة

 

فى المثل الذى قرأته لنا الكنيسة اليوم يعرض لنا الرب خطورة خطيتيت

خطية الذى يبتعد عن حضن الآب السماوى

و خطية أخيه الذى يسعى فى حجزه بعيدا عن ذات الحضن

الأولى عظيمة و الثانية أعظم

نداء الرب لنا اليوم هو نداء توبة مزدوج

الرب ينادى كل من هو فى حظيرة الخنازير

أن يعود بثقة فى حضن الآب المفتوح

و لكل من هو فى البيت

أن يقبل أخاه بفرح بل بالحرى يشارك أباه فى فرحته بأخيه

و لإلهنا كل المجد إلى الأبد آمين

 

 

إستمع للعظة