الإفخارستيا ليست "ذبيحة غير دمويّة
Eucharist in Not 'Unbloody Sacrifice'

English Version Under Process



هذا الموضوع البسيط شملَ شرحُه تفاصيل واعتني بالرد على اعتراضات ما جعل بساطته مُقابِل حجمه ودرجة تفصيله في مفارقة مزعجة للمتابعين ولي أنا نفسي!

الموضوع يفيد بان مصطلح "الذبيحة غير الدموية" لا يجوز استعماله في وصف الإفخارستيا بعد التقديس ويلزم اعادة ترجمته إلى "القربان غير الدمويّ" والتنبيه أنه يشير إلى التقدمة قبل تقديسها لتصير جسد ودم الرب لأنه من التناقض الظاهر وصف الدم بأنه غير دمويّ

هذا التصحيح موضوعيّ ونافذ، يخصّ أولاً الترجمة العربيّة بوجوب وضع كلمة قربان بدلاً من ذبيحة، ثم يعمّ على أي استعمال قديم للمصطلح في أصله، خص بصرف النظر عن قصد أي من استعمله قديماً سواء انتبه لهذه النقطة أم غفل عنها

فحين يكون استعمال المصطلح لوصف القربان قبل تقديسه فهو صحيح وحين يكون الاستعمال بقصد وصف الإفخارستيا بعد التقديس فهو استعمال خاطئ

ولا أبسط!

دخل بعض الفضلاء واهتموا بمتابعة الموضوع، وكانت الغيرة التقليديّة لديهم على "الآباء" ظاهرة، وبما أنهم ظنوا أن البابا كيرلس الكبير قصد بالمصطلح وصف "الذبيحة" فقد رفضوا تقديري بأن "الجانب الشرقيّ في الكنيسة لم يستعمل ولم يعرف استعمال اللاتينيّين له كوصف "للذبيحة" بعد التقديس!
وانتهت المناقشة بقاموس آبائيّ اقتُرِح للعودة له.. ووعدتُ في ختام النقاش بالنظر فيه مع تنبيهي لواضح القضية أن نقطتها الرئيسة هي خطأ استعمال المصطلح ليصف الإفخارستيا بعد تقديسها، بصرف النظر عن صحة تقديري من براءة "الآباء اليونانيّين" من هذا الخطأ، والذين لا قصد انحياز طائفيّ لهم فلست يونانياً ولا أحب أن أكون.. ولكن هذه نقطة جانبيّة لا تغيّر من لزوم تصحيح الخطأ كما سلف الشرح.. وأياً من كان استعمل التعبير خطئاً فالاستعاد لديذ متوفّر تلقاءً لتخطئته.. فلا يجوز لمؤمن إنكار حقيقة دم الرب في وصف الإفخارستيا حال تقديسها كجسد ودم للرب..

ومن أسف فقد ألغى فيسبوك لوحات النقاش في تطوير فنيّ فتوقف النقاش مع غيره، ولكن لحسن التوفيق كنت أحرص على الاحتفاظ بنسخ احتياطيّة لكل ما كنت أناقشه، فبقي معي صُلب النسخة الاحتياطيّة :

وهذا رابط للمناقشة التحضيريّة للمقال

ثم فتحتُ القاموس بحسب وعْدِي ونزعة طلب كمال النظر الغالبة عليّ رغم ضياع التواصل عبر لوحات النقاش تلك، وسُرٍرت بموافقته الصريحة لتقديري في بعض الشواهد، وخلوّه في كل الشواهد من أي استعمال للمصطلح يقوم كشاهد ضدّ بالضرورة..

وهاتان صورتان ضوئيّتان،
الأولى لكامل الصفحة التي وردت فيها الفقرة المعنيّة:



وصورة الفقرة المعنيّة كاملة:


إذاً فقد أفادت الفقرة التي طلب القلقين من تقديري بهذه الشواهد حصراً لاستعمال المصطلح "تقدمة غير دمويّة" لدى "آباء" المئات الأولى من تاريخ الكنيسة:

1. تقدمة رؤساء الملائكة العقليّة (الناطقة)! لعل القصد منها خدمة التسبيح

2. عند أثيناغوراس وآخرين: عبادة مسيحية عامة (ليتورجية)

3. فيما يخص الإفخارستيا:
* عند سيرابيون: "بروسفورا" (أي تقدمة خصوصيّة - ومنها كلمة بروسفورين الذي هو غطاء تقدمة القربان والذي يُستَخدَم قبل التقديس، وأما الأكثر دلالة على صحة تقديري فهو أن الكلمة تُستَخدَم للآن في الكنيسة اليونانيّة كتسمية اصطلاحيّة للخبز الذي يُقدَّم للتقديس)
ولمزيد التحرّي سترد فقرات من أصل نص ليتورجيا سيرابيون في الفقرة التالية..
* (عند كيرلس الأورشليميّ: ليتورجيا (أي الاحتفال العام بالعبادة وبالعودة للنصّ يظهر ما يزيد من تأييد صحة تقديري فهو يصف الليتورجية ذاتها بغير الدموية، بل ويصفها كذلك قبل التقديس تماماً
* عند غريغوريوس النازيانزيّ: ثيسيا (كما سبق شرحها في العمل الرئيس معناها تضحية أو قربان)
* عند غريغوريوس النيسيّ: عمل وقور وكهنوتيّ

ثم بالعودة لأصل النصوص وُجِد مزيد من الدعم التفصيليّ لتوقّعي
إذ يظهر من العودة للنصّ الكامل لليتورجية سيرابيون أسقمي تمي أنه يصف الخبز كصورة لجسد الرب وتمثيل لعمله في توحيد الكنيسة، وهو (الخبز والكأس)، بهذه الحالة قبل الاستدعاء، يسميهما "تقدمة حية" و"قرباناً غير دمويّ"، ثم بعد ذلك وليس قبله يذكر استدعاء حلول الرب لتحويل الخبز لجسده.. وهنا اكرِّر التنبيه إلى أن وصف الجسد بالخبز يجوز من حيث طبيعة التقدمة التي صارت جسداً للرب، وبالمثل وصف الدم أنه خمر، ولن لا يجوز نفي كونها دم.. المشكلة في نفي الصحيح وليس في تسميته تسمية كنائيّة أو مجازيّة او من حيث طبيعته الملموسة.. وعلى كل حال فالثابت أن ليتورجية الأسقف سيرابيون لم تنفي عن التقدمة بعد الاستعداء ما صارت إليه بالاستعداء، وهذا هو نص الفقرات المعنيّة:

11.”Heaven is full, the earth is also full of thy sublime glory, O Lord of hosts. Extend thy power upon this sacrifice, and grant thy aid to its fulfillment; for it is to thee that we have offered this living victim, the unbloody sacrifice. 12. To thee have we offered this bread, the likeness of the body of thine only Son. This bread is the image of His holy body; for ‘the Lord Jesus on the night in which He was betrayed, took bread, broke it, and gave it to His disciples and said: Take and eat, this is my body, which shall be broken for you,’ for the remission of sins. 13. Therefore have we, by repeating the figure of His death, offered the bread and pray: By this sacrifice reconcile thyself with us all and have mercy upon us, O God of truth. And as this bread was scattered upon the hills and brought together into one, so do thou unite thy holy Church from every people and every land and every city and every village and house, and build up one living Catholic Church. 14. We have also offered the chalice, the symbol of the blood; for the Lord Jesus, ‘after He had supped, took the cup and said to His disciples: Take, drink, this is the new covenant, which is my blood, which shall be shed for the remission of sins.’ Therefore have we also offered the chalice, because we have consummated the symbol of the blood. 15. “Let thy holy Word (Logos), O God of truth, come down upon this bread, so that the bread may become the body of the Word, and on this chalice, so that the chalice may become the blood of Truth. And grant that all who partake of them, may receive the medicine of life, as a cure for all sickness and as an increase and progress in virtue, not, however, as judgment, O God of truth, nor as punishment and disgrace. (Anaphora of Bishop Serapion of Thmuis, 11-15)



ثم هذا نص وصف كيرلس الأورشليميّ لترتيب الليتورجيا حتى التقديس، ويظهر منها استعمال كلمة "غير دمويّة" لوصف القربان قبل تقديسه:

8. Then, after the spiritual sacrifice, the bloodless service, is completed, over that sacrifice of propitiation we entreat God for the common peace of the Churches, for the welfare of the world; for kings; for soldiers and allies; for the sick; for the afflicted; and, in a word, for all who stand in need of succor we all pray and offer this sacrifice. 9. Then we commemorate also those who have fallen asleep before us, first Patriarchs, Prophets, Apostles, Martyrs, that at their prayers and intercessions God would receive our petition. Then on behalf also of the Holy Fathers and Bishops who have fallen asleep before us, and in a word of all who in past years have fallen asleep among us, believing that it will be a very great benefit to the souls, for whom the supplication is put up, while that holy and most awful sacrifice is set forth. (NPNF, vl. 7, p.361)


فكل ما سبق من شواهد ليس به اختصاص لوصف الأفخارستيا بعد تقديسها، ولكن كلها أوصاف للقربان والاحتفال الخاص بتقديمه قبل مناداة الروح القدس لتقبل القربان..
ويإضافة شاهد البابا كيرلس الأول الوارد في قداسه وفي الرسالة إلى نسطور المذكورة في النقاش تكتمل استعمالات خمس مئات وأكثر من السنين، لا يظهر فيها استعمال يقطع بوقوع أحد القدماء في خطأ وصف الإفخارستيا بعد تقديسها بأنها "غير دمويّة"..
لم يقم إذاً في كل الشواهد الآبائيّة المرصودة هنا أي شاهد ضد تقديري المتواضع بعدم وقوع الكنيسة في أوائل عصورها في الخطأ الجاري الآن بوصف الإفخارستيا بعد تقديسها بأنها "تقدمة غير دموية" أو "ذبيحة غير دموية" حسب الترجمة العربيّة (الخاطئة فوق الخطأ)، وإنما توافق كل الشواهد التصحيح المقترح للخطأ بالتنبيه بأن المصطلح يشير للخبز والخمر قبل التقديس كمجرد قربان..

ولا يبقى ضد سالف تقديري بظهور الخطأ أولاً في مجمع ترنت أن يكون هذا التمييز الدقيق في الاستعمال للمصطلح قد غاب في عصور تالية، وسقط في الخطأ بعض اليونانيّين، ويكون أن اللاتينيّين قد نقلوا منهم ولم يبتدعوا الخطأ، ولكن هذا لا يُحسَب على الأصول الآبائيّة القديمة التي رصدها القاموس المذكور كما رأينا؛ ووجود هذا المصدر المُفتَرَض يحتاج لبحث آخر لا أزمع القيام به، إذ ان مجمع ترنت هو أشهر مصادر التأثير المعوَّل عليها في استعمال هذا المصطلح بعد نحو ألف سنة من استشهادات الآبائيّة المرصودة هنا..

ولعل من النافع أن أكرر أخيراً التذكير بما سبق شرحه في متن البوست الأصليّ أن اللغة هنا لغة ليتورجية منشئة باختيار صاحبها وليست رهينة بسياق ما يكون الحكم على الكلمة من خلاله، وعليه فليس من اضطرار لنفي حقيقة لحساب حقيقة أخرى وكان الأوفق البحث عن كلمة بغير إشكال، ولكن وتماشياً مع أمر واقع دخل في ليتورجيات ليس من السهل تعديلها، وإذ لا يسهل استبعدا الكلمة فلا أقل من التمسك بدقة استعمال الكلمة..

وأعود للمفيد لأختم به
الخطأ خطأ أيّاً كان مصدره
ووصف الإفخارستيا بعد تقديسها بأنها ذبيحة غير دمويّة
هو خطأ يؤدي لارتباك بغير مبرِّر




Site Gate   Table of contents   Criticism & Corrections   Call for Rites Fixation (mother page)   Sign GuestBook