Coptic Youth 4 Holy Book سوس يرعى في الذهب!

تاريخ الكنيسة وسِيَر شهدائها وأبرارها مُصاغ بيد إلهية من ذهب مرصع بأحجار كريمة كنزاً لا يصدأ ولا يفسده السوس.. ولكن ولغفلتنا ولقلة ذوقنا وتمييزنا فقد فتحنا الباب للسوس ليجد مرعى في خزانة كنزنا التي هي كتاب السنكسار الثمين..

السنكسار ثمينُه ثمين جداً، وقبيحه قبيح جداً فوق العادة لأنه ليس قبيحاً قبح ذاته فحسب، بل لأنه أُحصي غفلةً، وهو التافه الزائف، مع الكريم، فزاده الزيف قبحاً..

والأمر جد الخطير في بقاء السوس يرعى بين الذهب والأحجار الكريمة أنه يشهد شهادة زور مزدوجة.. فهو عند الغُفل يقتنص لنفسه من حساب الذهب ما لا يحق له من رصيد مصداقية،

وهو عند المتسرعين من ذوي بعض الفهم يخدعهم ويعمي بقبحه عيونهم عما له قيمة حقيقية، وكم من أناس عبروا على ذهب مغطى بالطمي وترعى فوقه الحشرات فاستبعدوا أن يجدوا قيمة تحت غلالة العفونة.. إن الخرافات في السنكسار بالجملة تعمل كعمل تفاحات عفنة مندسة بين تفاحات جيدة، فتغري البعض بابتلاع الكل وتتركه مريضاً، وتنفر البعض من الكل فتتركه جائعاً.. ولكن هناك من لا يشتري جملةً، وهناك من ينتقي ويعزل ويجلو الذهب ويأكل الجيد ويطرد السوس ويلقي بالعفن في المزبلة، وهو المطلوب، عمل هذا المقال المتواضع بعض من هذا المطلوب..


وفي تسعينيات المئة العشرين سمعت محاضرة للبابا تعود إلى السبعينيات والعهدة على الذاكرة، وفيها تندر البابا وضحك وأضحك السامعين معه على بعض الخرافات التي تسللت للسنكسار، وأخذ من قصة الوحشين اللذين ظهرا لأبي وجد الشهيد مرقوريوس مثالاً، وتكلم عن ضرورة تنقيته.. ومرت السنين ولم يُسمَع بتمام هذا العمل، ولعل بعض الفقرات القليلة قد حذِفَت أو عُدِّلَت باجتهاد شخصي، ولعل شيئاً لم يحدث أصلاً.. لا أعلم..

وللحق لا أعلم هل أحزن لعدم تمام العمل أم أفرح! فالحزن توجبه الحالة المخجلة التي أصابت سفراً ثميناً كهذا هو سفر أخبار أيام الكنيسة.. وأما الفرح فيعود لعدم أهلية المتوفرين لعمل التنقية، ولنا في محاولة تنقية تسبحة كيهك مثالاً مؤلماً، إذ حذفوا ما ظنوه مخالفاً للإيمان وفاتهم أنه إن خالف الإيمان فمثله موجود في التسبحة اليومية، وإن لم يخالف الإيمان فلم كان الحذف!!! ثم عدلوا بعض الكلمات التي لم ترقهم بلا دراية بالخلفية الشعرية والأدبية وأصل نطق الكلمات القبطية، والأسوأ أنهم وضعوا بدائل غبية، ومن هذا قولهم في تسبحة العليقة: "تمت عنك كل الأقاويل! حاشا للعذراء..

وسواء فرحتُ لتوقف غير المؤهلين عن العمل، أم حزنت لعدم إتمام العمل اللازم نفسه، فإنني لا أملك أن أبقى صامتاً، وفي هذا المقال المتواضع أفهرس أنواع أخطاء تعيب سفر أخبار أيامنا، وأرصد لكل نوع مثالاً أو اثنين..

على أنني اطرح قبل رصد أمثلة الخرافات والأخطاء الدخيلة تصوراً مطلوباً للسنكسار، وهذا هو اقتراحي: السنكسار كتاب ينبغي له أن يربط المغزى الروحي بالحدث التاريخي بالأسلوب الذي يستوعبه السامع الحاضر في الكنيسة؛ هو كتاب ينبغي له أن يتمتع بهذا الثالوث من السمات كما يليق به وكما يحق للمصلي في الكنيسة..

ولا أعلم ثانيةً إن كنت سأفرح إن لبى القائمون طلبي وشرعوا في إلباس السنكسار ثوباً روحياً علمياً وعظياً، أم سأحزن لذلك، ولكن ما على أمثالي إلا الاقتراح والتسلي برصد القليل من الأخطاء لحين رؤية النتيجة.... فالآن لنبدأ مع فهرس للأخطاء المزعجة في سنكسارنا الغالي:


تابعوا