كله عن العرب  .. حاسوب

 

جريدة الأخبار

21 سبتمبر 1995

صورة ضوئية للمقال

المقال نسخة آر تي إف

 

بقلم:

باسل لمعى المطيعى[i]

 

أخشى أن أسرف فى استخدام ضمير المتكلم فى هذا المقال ..و لكن ما الحيلةو أنا أقوم هنا مقام الشاهد الذى يليق به -  إنكارا للذات – أن ينسب فضل مشاهدة الجانى لآخرو إلا انتفت الشهادة ..

فأنا – أرانى – كاتب مجتهد ضل طريقه فى عوالم الهندسة الإلكترونيةو الحاسبات ، فرأى بعين الكاتب فى تلك المجاهل ما قد يهم الوطن ككل ..

فقد تخرجت من الجامعة بشهادة هندسية يمكننى العمل بها فى الصيانة أو المبيعاتو ليس الهندسة .. لماذا؟ لأن البلد (بالبلدي) ليس بها هندسة كهربائية أو ميكانيكية على الإطلاق ..و لن لأغضب إذا قام أحدهم بتكذيبى إذ عليه أن يقدم لى الوظيفة التى أطمح إليها ..

ما علينا .. زملائى النبهاء خرجوا من هذا المأزق بالإتجاه إلى عالم كتابة برامج الحاسبات ..و هنا تبدأ الأزمة .. فهذا العالم يتطاحن فيه خريجوا الهندسةو التجارةو العلومو بعض الأقسام المتخصصة فى الجامعة الأمريكيةو أكاديمية الساداتو خلافه ..

***

وقد تعايشت مع هذا العالم عن قرب عندما أتيحت لى فرصة التدريب على مهارات البرمجة فى جهة رسمية فرأيت – بعين الضيف المراقب – ما لا يراه أهل المنزل أو ما يتعامون عن رؤيته من فوضى المسمياتو الألقابو التخصصات فتاهت فى زحام المبرمجين الفروق بين المبرمجو مهندس البرمجيات (و هو بالمناسبة تخصص غير موجود بمصر)و لم يعد يلتفت أحد للفرق بين علوم الحاسبو هندسة الحاسبو أصبح (كله عند العرب حاسوب) ..

وما الذى يههم القارئ العادى من هذا؟

الذى يهمه أن عصر المعلومات الذى قارب على الانتهاء قبل أن ندخل فيه يعتمد بالأساس على الحاسب ،و إذ صار كثيرون يدركون هذه الحقيقة  فإنهم يرهقون ميزانياتهم المسكينة بإلحاق أبنائهم بمعاهد الحاسبو دوراته التى تملأ إعلاناتها الصحف ، كما يتمسك الشباب بأهداب هذا الحاسب العجيب ، دون أن يعرفوا موقعهم المحدد فى عالمه ، أو ما هى على وجه التحديد ثمرة جهدهمو أموال ذويهم؟

***

كل وجع الرأس السابق من فوضى ذاتية ،و عدم وضوح التخصصات كان المشكلة نمرة واحد ..

أما المشكلة الثانية التى ستهوى على رؤس الشباب الطامحين للعمل كمبرمجين لحسابهم الشخصى –وما أكثرهم – فهى اتفاقية الجات ..و حتى يتابعنى القارئ غير المتخصص فإن استسمح القارئ المتخصص فى تخصيص غير مخل فأقول : أن البرامج الصغيرة التى نكتبها فى مصر تحتاج إلى برامج كبير تنتجها الشركات الأمريكية الضخمة ..و هى ذات أثمان مرتفعة إن اردنا شراءهاو لكن ثمنها سيكون بضعة جنيهات – هى ثمن شرائط الحاسب – إذا فضلنا (اقتباسها) ..

ولكن الأخوان فى أمريكا يغضبون من هذا الاقتباسو يسمونه سطوا يشبه تماما نشر كتاب أو ترجمته دون إيفاء المؤلف حقه ..

و هم على هذا ضمنوا بتلك "الجات" عقوبات رادعة للدولة التى لا تراعى حقوق مبرمجيهمو هى تتدرب على تحقيق هذه العقوبات مع العراق حاليا ..

وفى المقابل : من يحمى البرامج المصرية ذاتها من (الاقتباس) الداخلي؟و من يطالب بحقوق المبرمجين؟

المشاكل لم تنته بعدو لكنى أظن أن المساحة المتاحة للمقال قد انتهت منذ بضعة أسطر ..

لذلك أقول فى عجالة : انتظروا الحل فى المقال القادم .. اتحاد (أو نقابة أو رابطة إلخ) المبرمجين المصريين.

 

 

 



 

[i]  تفصيل المعركة المرحة بشأن صيغة التوقيع بينى وبين الصحافى الكبير عبد الوارث الدسوقى مشرف الصفحة ..