وقف الحال.. من المحال

 

جريدة الأخبار

نوفمبر [i]1996

صورة ضوئية للمقال

نسخة آر تى إف لنص المقال

 

بقلم المهندس

باسل لمعى

 

ما رأى القارئ فى تهنئة تنشر فر الصحف بالصيغة التالية " السادة الخارجون على القانون بالحى الفلانى يهنئون مأمور القس الجديد بالحى بكناسبة توليه المنصب راجين له التوفيق فى عمله ".

مضحك حقا! وه ومضحك لأن القارئ لا يتوقع أن يقرأ ما يشبه هذا إلا فى رواية هزلية أو مقال ساخر كهذا .. وغير المضحك للأسف أن القارئ إذا دقق سيجد أمثلة كثيرة للتهنئة السابقة فى الصحف كلما تولى أحدهم رئاسة "أو إدارة أو إلخ" إحدى الجهات الرقابية.

 والجهة الرقابية يفترض فى رجالها ألا يكسر لأحد عينهم أو حتى يداينهم بأى مجاملة لا سيما إن كان هذا الأحد خاضعا لسلطان رقابتهم .. والمجاملات العلنية جائزة بالتأكيد من الأهل والأصدقاء أو بين أصحاب الأعمال الخاصة .. فرجا الأعمال له سلطان على ماله ويملك أن يعقد الصفقات مع من يحب وأن يخرب بيت من لم يقم بواجب مجاملة كمل يساء ما دام يخضع الجميع لرقابة القانون .. وما دامت تتم الصفقات ويتم خراب البيوت دون مخالفة القانون.

 ولكن مجاملة أصحاب المناصب الرسمية! والرقابية بوجه خاص!.. بل ومن الخاضعين لرقابتهم بوجه خاص جدا!! فيحتاج الأمر هنا للصراحة المؤلمة.

***

 وقبل لأن أدخل فى باب الصراحة المؤلمة سأراعى أن البعض سيغضب من تشبيهه الذى يجامل المأمور .. ومراعاة لهذا يمكن تغيير صيغة التهنئة لتصبح أكثر لا معقولية .. هكذا " السادة الشرفاء بالحى الفلانى يهنئون مأمور القسم الجديد راجن منه أن يطارد اللصوص فقط متمنين لسادته .. إلخ ".

إذن فمجاملة الشركات الخاصر لرجال الجهات الرقابية إلا على أحد وجهين .. الأول: أن الشركة المهنئة ذات موقف متعثر وترج وتحسين وضعها إن لم يكن بالخضوع للقانون فبمجاملة رجال الرقابة.

 والثاني: أم الرقابة تضع العراقيل أمام الشركة ذات الموقف السليم والشركة تبغى بالتهنئات والمجاملات تليين القلوب وتمشية الحال الواقف بلا ذنب لها.

أى أن إعلانات التهنئة هذه ليست إلا اعترافا من المهنئ بوجود علاقة شائكة بينه وبين القانون.. أو هى اتهامات مستترة لرجال الرقابة بالتعنت ووقف الحال.

 وهذه وتلك مكانهما جهات القضاء وليس الصحف .. والخطأ هنا ليس خطأ الوافد الجديد فى المنصب لأنه لم يطلب من أحد أن يهنئه وه وليس خطأ الصحف التى تنشر التهانى إذ ليس من سلطة لبصحيفة أن تفتش فى نية المهنئ .. كما أنه ليس خطأ المهنئ الذى ينشد تمشية حاله .. يعنى هى جت عليه؟ فهل هى حالة أخرى من حالات وجود خطأ مع عدم وجود مخطئ؟

***

إن هناك قانونا فيما أسمع يحاسب الموظف العام على الهدايا التى يتلقاها بصفته الرسمية التى تزيد قيمتها على حد يعينه القانون.

 وهذه التهانى العلنية هى للأسف هدايا إجبارية .. أقصد إجبارية على الموظف العام الذى لا يملك رفضها لأنه لم يستأذن فيها.

أو أقصد حتى إجبارية على المهنئ الذى لا يملك أم يشذ عن القاعدة حتى لا يدخل فى دوامة تفسير موقفه.

 وهى فى النهاية تخرج لسانها لضمير المجتمع وتؤثر فى العمل الرقابى وتؤثر فى العمل الرقابى وتلقى عليه بشبهات ه وفى غنى عنها .. وتعطى فرصة لأمثالى من الساخرين فى تدبيج المقالات.

 والحل المؤقت ه وزيادة القانون قانونين بتقنين إعلانات التهانى بما لا يجرح الضمير العام .. وه وحل مؤقت بالطبع .. وحتى ينجح أنصار مبدأ "وقف الحال من المحال" فى التحايل على القانون الجديد واستئناف تمشية الحال .. وأحوالنا هى أشطر الأحوال فى المشى والجرى.

 



[i]  لم أعتن بتوثيق تاريخ المقال كعادتى الخاطئة وقتها ولما فقدتُ عدد الجريدة الذى لم أعتن بحفظه بدوره لم يبق معى إلا الصورة الضوئية التى أشكر ربنا أن عادتى فى إهمال توثيق منتوجى المتواضع لم تطلها. والىن لما عدت لمحاولة تأريخه وجدت ان بعض ملابسات ما حوله من أخبار تفيد بانه فى نوفمبر 1996 ولكن امتنع تحديد اليوم!!