+

 

حاملاً الصليب

 

Carrying the Cross!

 

 

سكتش تجريدي مشجّع يصلح للاجتماعات الروحيّة في مناسبات شحذ الإيمان

 

*من تأليف هاني عبد المسيح

* أخرجتُه فوريّاً بدعوة من مؤلفه
(عدتُ بعد إخراجي له لتأليفه" بمعرفتي بعنوان خصوصيّ لتمييز محاولتي: "حاملاً صليبه" ، ولم تكن كتابتي له إلا تقديراً لجودته، وعنايةً بتأثير بعض مشاهده، وفرصة لتفصيل حواره، ثم بعد كل شئ من أجل الاحتفاظ بنسخة له لم تتوفَّر لي من كتابة هاني التي لم تتوفَّر لي ولا طال لقائي مع بروفاتها لأكثر من دقائق فلم يكن ثمّة ورق له أمامي وكان عملي فيه ارتجالاً تلقاءً)

*عُرِض في حفلة عيد القيامة سنة 1997

اجتماع الشباب الجامعى

بكنيسة الشهيد مار جرجس بالعجوزة

 

 

تقديم:-

 

   هذا الاسكتش البديع أخرجتُه بدعوة من مؤلفه هاني عبد المسيح! سبق لي التعامل معه مبكراً في رجاء محبة ثم في سكتش لوحده (تفصيلهما في هذه الصفحة -- صفحة "دراما"(، وقصة دعوتي لإخراجه مدهشة.. كنت داخلاً لتوّي في قاعة الاجتماع مبكراً وكان هاني في المسرح يعمل على شئ ما، فتابعته بسرور وفاجني بدعوته لي لمشاركته في العمل الذي كان هذا الاسكتش وكانت المشاركة المطلوبة هي إخراجه!!
هكذا فوري تلقائي.. العرض سيكون بعد نصف ساعة أو أقل!!
وللحقّ كان جُلّ دوري فيه هو مشاهدته، مع ملاحظات ومتابعة هيِّنة..
لم تخلُ مشاركتي من التحفظ على بعض جرأة العرض لمراعاة الظروف السياسيّة ومراعاة الرأي العام الكنسيّ، فاختلفتُ مع هاني فيما يجوز عرضه وما لا يجوز، وانتهينا لحلو وسط تميل لرأيه تقديراً لكونه المؤلف قبل كل شئ، وإن كان التخفيض الحاصل من أثر تحفِّظاتي خفّض من شطحاته، والتي كانت لم تخفّ فيما ظهر لي منذ الواقعة التي أدّت لاستبدال سكتش له واضطراري لعمل سكتش "ابحث مع الخدمة" في عجالة قياسيّة لإنقاذ الموقف :)

 

   وإنما كان هذه المرّة يقدم فكرة أراها جيدة جداً، وممكنة التقديم مع بعض التعقّل، وفيما أنا أتابع ما يعمل، وقد جذبتني عبارة لاذعة يقولها عماد أنور، عرض عليّ هاني إخراجها غالباً اخقّفاً من عبء الأخذ والرد مع "المسئولين" من خدّام الاجتماع..

 

   فكان كل ما فعلته "لإخراجها" هو أنني تجاوبت معها وكأنني مشاهد متحمّس ينفعل مع المشهد، فإن جاز أن انفعالاتي التلقائية تُسمَّى إخراجاً لها فأكون أنا المخرج..

 

 

 

   سكريبت مبدئي

 

   وألخّص في عجالة توصيف الاسكتش، حتى لا تتوه فكرته التي تستحق التنفيذ من وقت لآخر في الاجتماعات الكنسيّة..

 

   الاسكتش رأسه مجرد حوار قصير في عيادة مستشفى حكومي بين رئيس القسم المتعصّب (عماد أنور)، وبين الطبيب المسيحيّ الذي يعمل تحت رئاسته (هاني عبد المسيح)..

  

   لا يخلو الحوار من طرافة، فالطبيب الرئيس يتهم الطبيب المسيحيّ أنه أخطأ في علاج أحد المرضى بإجراء طبيّ "قد يتسبب، وسيتسبب بإذن الـله، في وفاته".. يشرح الطبيب المسيحيّ صحة الإجراء ويثبت سلامة المريض، ويتحدى الطبيب الرئيس أنه لا يبالي بالاضطهاد لأنه يتبع المسيح الذي حمل رأس كل اضطهاد..

 

   فينفعل الأخير وينقل المشهد من حوار سطحيّ مباشر إلى مزيج تعبيريّ تأثيريّ غير مألوف في الدراما، فيمسك بصليب كبير في خلفيّة المسرح، ويلقيه عليه وهو يقول: "بتحب الصليب؟ طيب شيل".. ويدفعه للخارج وفي طريقه للخروج يوقفه ويأتي بتاج شوك، ويقول له: "وخد ده كمان بالمرّة"، ويغرسه على رأسه..

 

   كانت هذه الجملة المسرحيّة البديعة هي ما لفت انتباهي بقوة لهذا الاسكتش، وأعجبتني النقلة من الحوار الساذج إلى استعمال أدوات المعادِلات الموضوعيّة (المتمثّلة في الصليب الخشب وإكليل الشوك) استعمالاً صريحاً بانتقال الحوار إليها ونقلها إليه دون مبرِّر من واقع المشهد (الذي يدور في مكتب إدارة مستشفى لا معنى لوجود صليب وإكليل شوك فيه) إلا قصد التعبير.. وهكذا، وبكل البساطة التي هي بذرة الإبداع ومنتهاه، تحوَّل  المشهد كله إلى ما يشبه اللوحات التشكيليّة بحسب أسلوب المدرستين التعبيريّة والتأثيريّة..

 

   (ولذوي الشغب بالتفصيل الفنيّ في الشرح: فإنّ السمة التعبيريّة فيه كانت في أسلوب حِدَّة المبالغة من الواقع إلى السمات الرئيسة التي قد تُعمِي التفاصيل عن وضوحها.. وأما التأثيريّة فقدت ظهرت بارتفاعه فوق ظاهر الواقع إلى القيمة المعنويّة المجرّدة، والتي هي هنا حمل الصليب من حيث المبدأ دون الانحصار في تفاصيل المشهد الظاهر – وأيضاً، مقابل فرشاة الرسام التي نزع رسّامو المدرسة التأثيريّة ترك آثارها على اللوحة، قامت في التنفيذ المسرحيّ الأدوات المعادِلة موضوعيّاً التي لا يبرِّر ظهورها أي تبرير ظاهر في واقع المشهد،
فيكون ظهورها هو نفسه تعبيريّ بامتياز)
..

 

   ثم لا يحتاج الأمر الآن لكثير من المجهود لإعداد بعض الحيل لتلوين وجه الطبيب الحامل للصليب باللون الأحمر، وبعض تمزيق الملابس عند الأكتاف حسبما يتوفّر لمنفذي الاسكتش..

 

   وأخيراً ولمزيد من قوّة التعبير فإنّ "حامل الصليب" يخرج من خشبة المسرح حاملاً الصليب وعلى رأسه إكليل الشوك ويسير باعتزاز بين الجمهور..

 

   وأثناء تنفيذنا لمشوار المسيرة بين الجمهور خطرت فكرة مقابلة فتاة من المُشاهِدات له بمنديل تمثيلاً للتقليد المشهور (لا أتذكّر صاحب هذه الفكرة ولكن أخال، على كل حال، أنها أتت تلقاءً ولم تكن معدَّة من البدء، وكانت الفتاة التي قامت بالدور هي راندا هاني التي قامت بدور إنقاذ موقف في مسرحيّة "رجاء محبة" ومن اللطيف جداً انها صارت زوجة هاني حينما جمعهما الـله)..

 

 

   وبهذا التنفيذ البسيط الذي لم يُكَـلِّف أكثر من صليب بسيط خفيف وإن كان ظاهر الضخامة والثقل، وتاج شوك، و"بروفا" أخذت ساعة قبل العرض كان هذا الاسكتش،
الذي أتذكّر بعمق تأثيره في جمهور العرض الذين أولهم (في التأثّر به) أنا!!

 

 

   أسجِّله هنا وفاءً للذكرى واستيفاءً للفائدة..
وبالمرّة رابط لصور ضوئيّة مضغوطة لـ"حاملاً صليبه"-- نسخة مقاربتي المُفصَّلَة لتأليفه ....
< /span>